۩۞۩ مــنــتــديــات الـمــدومــــي ۩۞۩
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي المسلم ... أختي المسلمة..يمكنك الاستفادة من المواد المطروحة في منتديات المدومي مجاناً ودون تسجيل،
أما إن كنت تريد المشاركة بكتاباتك ليستفيد منها الجميع ويكتبَ لك بها الأجر والثواب فيتوجب عليك التسجيل في منتديات المدومي..

مع تمنيات ادارة المنتدى للجميع بتوفيق والنجاح..
النجاشي "الملك العادل" 3323444724
النجاشي "الملك العادل" 2337382920
۩۞۩ مــنــتــديــات الـمــدومــــي ۩۞۩
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي المسلم ... أختي المسلمة..يمكنك الاستفادة من المواد المطروحة في منتديات المدومي مجاناً ودون تسجيل،
أما إن كنت تريد المشاركة بكتاباتك ليستفيد منها الجميع ويكتبَ لك بها الأجر والثواب فيتوجب عليك التسجيل في منتديات المدومي..

مع تمنيات ادارة المنتدى للجميع بتوفيق والنجاح..
النجاشي "الملك العادل" 3323444724
النجاشي "الملك العادل" 2337382920
۩۞۩ مــنــتــديــات الـمــدومــــي ۩۞۩
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا بك زائر
لديك
4 مساهمة
آخر زيارة لك
 
الرئيسيةالرئيسية  البـوآبـةالبـوآبـة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 النجاشي "الملك العادل"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو أنس
..::: مؤسس الموقــع :::..

..::: مؤسس الموقــع :::..
أبو أنس


النجاشي "الملك العادل" Untitl32
النجاشي "الملك العادل" I_icon46
نقاط : 30459
السٌّمعَة : 37
عدد مشآرڪآتي : 1509
تَََاريخ التَسجِيلْ : 13/03/2011
الَبلدّ : 16
4
أوسمتي
مؤسس المنتدى
3
النجاشي "الملك العادل" 70522610
توقيع المنتدى


النجاشي "الملك العادل" Empty
مُساهمةموضوع: النجاشي "الملك العادل"   النجاشي "الملك العادل" Emptyالخميس أغسطس 11, 2011 6:53 am


بسم الله الرحمن الرحيم

النجاشي
"الملك العادل"



إنه النجاشي حاكم الحبشة وملكها، واسمه أصحمة -رضي الله عنه- وللنجاشي قصة عجيبة، ففي إحدى الليالي قام بعض المتآمرين بقتل والده ملك الحبشة، واستولوا على عرشه، وجعلوا على الحبشة ملكًا آخر، لكنهم لم يهنأوا بفعلتهم، فقد ظل ابن الملك المقتول يؤرقهم، فخافوا أن ينتقم منهم عندما يكبر، فقرروا أن يبيعوه في سوق العبيد، وبالفعل نفذوا مؤامرتهم، وباعوا ذلك الغلام لأحد تجار الرقيق.
وفي إحدى الليالي خرج الملك الغاصب فأصابته صاعقة من السماء فوقع قتيلاً، فسادت الفوضى في بلاد الحبشة وبحثوا عمن يحكمها، وأخيرًا هداهم تفكيرهم إلى أن يعيدوا ابن الملك الذي باعوه في سوق الرقيق لأنه أحق الناس بالملك، وبعد بحث طويل وجدوه عند أحد التجار، فقالوا له: رد إلينا غلامنا ونعطيك مالك. فرده إليهم.
فقاموا على الفور بإعادته وأجلسوه على العرش، وألبسوه تاج الملك، لكنهم أخلفوا عهدهم مع التاجر ولم يعطوه ماله، فقال التاجر إذن أدخل إلى الملك، وبالفعل دخل إليه وأخبره بما كان، فقال لهم الملك الجديد: إما أن تعطوا التاجر حقه، وإما أن أرجع إليه، فسارعوا بأداء المال للتاجر. [ابن هشام].
وبعد سنوات من حكمه، انتشر عدله، وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان، وسمع بذلك المسلمون في مكة، فهاجروا إليه فرارًا بدينهم من أذى المشركين واضطهادهم، لكن الكفار لم يتركوهم يهنئون في دار العدل والأمان، فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص، وهو داهية العرب، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا العظيمة حتى يسلمهما المسلمين الذين جاءوا يحتمون به، ودخل عمرو، وعبد الله، وقدَّما الهدايا إلى النجاشي، وطلبا منه أن يسلمهما المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.
فبعث إلى المسلمين رسولا يطلب منهم الحضور، لمقابلة النجاشي، فوقفوا أمامه، وكان جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عم الرسول ( أميرهم والمتحدث عنهم، فسأله النجاشي: ما الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في دينى، ولا في دين أحد من الأمم؟ فرد عليه جعفر قائلاً: أيها الملك إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ويأكل القوي منا الضعيف، وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى الله نعبده ونوحده، ونقيم الصلاة، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الجوار (وعدد أمور الإسلام) فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه، فبغى علينا قومنا، وعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأصنام، فلما قهرونا خرجنا إليك، واخترناك على من سواك، ورجونا ألا نظلم عندك.
فقال له النجاشي: هل معك شيء مما جاء به رسولكم عن الله قال: نعم. قال: فاقرأ عليَّ. فقرأ جعفر -رضي الله عنه- من أول سورة مريم، فبكى النجاشي عندما سمع القرآن حتى بلَّ لحيته، وبكى الحاضرون من الأساقفة النصارى (رجال الدين المسيحيين)، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة . [أحمد وابن هشام].
ثم اتجه النجاشي إلى عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، فقال لهما: انطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكما أبدًا ولا أكاد، ثم رد عليهما الهدايا. وعاش المؤمنون في أمان على أرض الحبشة وحفظ لهم النجاشي حقهم. وأسلم النجاشي وشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ولقد وكله النبي ( في أمر زواجه بالسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب -رضي الله عنها-، وكانت قبل ذلك زوجة لعبيد الله بن جحش، لكنه ضل ودخل في النصرانية، ومات على شركه، فأرسل النجاشي إلى أم حبيبة بعد انقضاء عدتها بأن الرسول ( يطلبها للزواج، فسعدت أم حبيبة ووكَّلت قريبًا لها هو الصحابي خالد بن سعيد ليكون وليها في الزواج._[ابن سعد].
وقام النجاشي بأداء المهر عن رسول الله ( وكان أربعمائة دينار، ولما هاجر الرسول إلى المدينة، وظهر دين الله، قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي: إن صاحبنا (يقصد النبي () قد خرج إلى المدينة، وانتصر على المشركين، وقد أردنا الرحيل إليه فزودنا، فقال النجاشي: نعم، فأعطاهم ما يكفيهم في سفرهم ويزيد، ثم قال لجعفر: أخبر صاحبك بما صنعت إليكم، وهذا رسولي معك وأنا أشهد ألا إله إلا الله وأنه رسول الله، فقل له: يستغفر لي، ولولا ما أنا عليه من الملك لأتيت إليه، وقبلت قدمه.
وجاء وفد المؤمنين إلى المدينة، ففرح بهم الرسول ( وسمع من جعفر، ثم قام وتوضأ ودعا ثلاث مرات: (اللهم اغفر للنجاشي)، فيقول المسلمون آمين، ثم قال جعفر لرسول النجاشي: انطلق فأخبر صاحبك بما رأيت. [الطبراني].
ولما مات النجاشي قال الرسول ( لأصحابه: (إن أخاكم قد مات بأرض الحبشة)، فخرج بهم إلى الصحراء وصفهم صفوفًا ثم صلى عليه صلاة الغائب. [متفق عليه]، وكان ذلك في شهر رجب (9هـ).

ماذا علمنا محمد؟

مضى ركب المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه, واستقروا فى كنف النجاشي ملكها العادل الصالح.
فتذوقوا لأول مرة منذ أسلموا طعم الأمن واستمتعوا بحلاوة العبادة دون أن يعكر متعة عبادتهم معكر, أو يكدر صفو سعادتهم مكدر.
لكن قريشا ماكادت تعلم برحيل هذا النفر من المسلمين إلى أرض الحبشة وتقف على مانالوه فى حمى مليكها من الطمأنينة على دينهم والأمن على عقيدتهم, حتى هبت تأتمر بهم لتقتلهم أو تسترجعهم إلى السجن الكبير. فأرسلت إلى النجاشى رجلين جلدين من رجالها هما عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة , وبعثت معهما بهدايا كثيرة للنجاشي وبطارقته, ثم أوصتهما بان يدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن يكلما ملك الحبشة فى أمر المهاجرين.
فلما قدما الحبشة لقيا بطارقة النجاشي ودفعا إلى كل بطريق هديته, فلم يبق أحد منهم إلا أهديا إليه وقالا له :

إنه قد حل فى أرض الملك غلمان من سفهائنا, صبئووا عن دين اَبائهم وأجدادهم وفرقوا كلمة قومهم فإذا كلمنا الملك فى أمرهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا دون أن يسألهم عن دينهم , فإن أشراف قومهم أبصر بهم وأعلم بما يعتقدون...فقال البطارقة : نعم...ثم أتيا النجاشي وقدما إليه الهدايا فاستطرفها وأعجب بها , ثم كلماه فقالا :

أيها الملك إنه قد أوى إلى مملكتك طائفة من أشرار غلماننا قد جائوا بدين لا نعرفه نحن ولا أنتم ففارقوا ديننا ولم يدخلوا فى دينكم...وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من اَبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم وهم أعلم الناس بما أحدثوه من فتنة.


فنظر النجاشي إلى بطارقته فقال البطارقة:

صدقا أيها الملك...فإن قومهم أبصر بهم وأعلم بما صنعوا فردهم إليهم ليروا رأيهم فيهم, فغضب الملك غضباً شديداً من كلام بطارقته .

وقال : لا والله لا أسلمهم لأحد حتى أدعوهم واسألهم عما نسب إليهم فإن كانوا كما يقول هذان الرجلان أسلمهم لهما, وإن كانوا على غير ذلك حميتهم وأحسنت جوارهم ما جاورونى.

فأرسل النجاشي يدعوهم بلقائه .....
فذهبوا إليه ولما استقر بهم المجلس التفت إليهم النجاشي وقال :
ما هذا الدين الذى استحدثتموه لأنفسكم وفارقتم بسببه دين قومكم ولم تدخلوا فى دينى ولا دين أى من هذه الملل؟

فتقدم منه جعفر بن أبي طالب وقال :
أيها الملك, كنا قوما أهل جاهلية , نعبد الأصنام ونأكل الميتة, ونأتى الفواحش ونقطع الأرحام, ونسيئ الجوار, ويأكل القوى منا الضعيف وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه...فدعانا إلى الله, لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن واَباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان...وقد أمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم وحقن الدماء , ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات.وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً, وأن نقيم الصلاة ونؤتى الزكاة ونصوم رمضان....فصدقناه واَمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند الله , فحللنا ما أحل لنا وحرمنا ما حرم علينا.فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا, فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان.... فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا فى جوارك ورجونا إلا نظلم عندك.فالتفت النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وقال : هل معك شئ مما جاء به نبيكم عن الله؟


قال : نعم

قال : فأقرأه علي


فقرأ عليه :

" كهيعص Ωذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا Ω إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً Ω قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً "
حتى أتم صدراً من السورة.فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته بالدموع وبكى أساقفته حتى بللوا كتبهم لما سمعوه من كلام الله..
وهنا قال النجاشي: إن هذا الذى جاء به نبيكم والذى جائ به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة...ثم التفت إلى عمرو وصاحبه وقال لهما :

انطلقا, فلا والله لا أسلمهم إليكما أبداً.

فلما خرجا من عند النجاشي توعد عمرو بن العاص المسلمين وقال لصاحبه :

والله لاَتين الملك غداً, ولأذكرن له من أمرهم ما يملأ صدره غيظاً منهم ويشحن فؤاده كرها لهم, ولأحملنه على ما أن يستأصلهم من جذورهم.

فقال له عبدالله بن أبي ربيعة لا تفعل ياعمرو فإنهم من ذوي قرباناً وإن كانوا قد خالفونا.

فقال له عمرو : دع عنك هذا .. والله لأخبرنه بما يزلزل أقدامهم والله لأقولن له : إنهم يزعمون أن عيس بن مريم عبد...

فلما كان الغد دخل عمرو على النجاشي وقال له :

أيها الملك إن هؤلاء الذين اَويتهم وحميتهم يقولون فى عيسى بن مريم قولاً عظيماً...فأرسل إليهم وسلهم عما يقولونه فيه....

فلما دعاهم النجاشي ودخلوا عليه بادرهم بقوله : ماذا تقولون فى عيسى بن مريم؟

فقال له جعفر بن أبي طالب : إنما نقول فيه ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.

فقال النجاشي وما الذى يقول فيه؟

فأجاب جعفر : يقول عنه : إنه عبدالله ورسوله وروحه وكلمته التى ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

فما أن سمع النجاشي قول جعفر حتى ضرب بيده الأرض وقال :

والله ما خرج عيسى بن مريم عما جاء به نبيكم مقدرا شعرة...

ثم التفت وقال : اذهبوا فأنتم اَمنون....

من سبكم غرم ومن تعرض لكم عوقب...

ووالله ما أحب أن يكون لي جبل من ذهب وأن يصاب أحد منكم بسوء..ثم نظر إلى عمرو وصاحبه وقال :

ردوا على هذين الرجلين هداياهما فلا حاجة لي بها.
ونستطيع أن نلاحظ بعض الملامح الهامة لهجرة المسلمين من مكة إلى المدينة:
(1) الاهتمام بقضية النية:
لماذا تهاجر؟
روى البخاري عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
ومع أن الهجرة للزواج ليست محرمة.. ومع أن الهجرة لإصابة الدنيا الحلال ليست محرمة.. لكن هذه هجرة ليست كالهجرة لبناء أمة إسلامية.
وهيهات أن يكون الذي ترك كل ما يملك ابتغاء مرضات الله وسعيًا لإنشاء أمة إسلامية ورغبةً في تطبيق شرع الله عز وجل في الأرض.. كالذي عاش لحياته فقط.. وإن كانت حياتُه حلالاً.
(2) الهجرة الكاملة لكل المسلمين لم تكن إلا بعد أن أُغلقت أبواب الدعوة تمامًا في مكة.. وقد أغلقت أبواب الدعوة منذ ثلاث سنوات.. بعد موت أبي طالب والسيدة خديجة رضي الله عنها.. ومنذ ذلك التاريخ، والرسول صلى الله عليه وسلم يخطط للهجرة.. وكان من الممكن أن يكون مكان الهجرة مختلفًا عن المدينة لو آمن وفد من الوفود التي دعاها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام مثل بني شيبان أو بني حنيفة أو بني عامر، ولكن الله عز وجل أراد أن تكون الهجرة إلى المدينة المنورة.. فليس المهم هو المكان، ولكن المهم هنا ملاحظة أن الهجرة لم تكن نوعًا من الكسل عن الدعوة في مكة، أو "الزهق" من الدعوة في مكة.. أبدًا.. الدعوة في مكة من أول يوم وهي صعبة، ولكن ما ترك المسلمون بكاملهم البلد إلا بعد أن أُغلقت تمامًا أبواب الدعوة.. أما إذا كانت السبل للدعوة مفتوحة -ولو بصعوبة- فالأولى البقاء لسد الثغرة التي وضعك الله عز وجل عليها.
(3) الهجرة كانت للجميع، وذلك على خلاف الهجرة إلى الحبشة والتي كانت لبعض الأفراد دون الآخرين.. والسبب أن طبيعة المكان وظروفه تختلف من الحبشة إلى المدينة.. فالمسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا يريدون حفظ أنفسهم في مكان آمن حتى لا يستأصل الإسلام بالكلية إذا تعرض المسلمون في مكة للإبادة.. ولم يكن الغرض هو إقامة حكومة إسلامية في الحبشة، بل كان المسلمون مجرد لاجئين إلى ملك عادل.. أما الهجرة إلى المدينة فكان الغرض منها إقامة دولة إسلامية تكون المدينة هي المركز الرئيسي لها.
ولماذا تصلح المدينة لإقامة الأمة الإسلامية ولا تصلح الحبشة؟ إن هذا ليس راجعاً إلى عامل البُعْد عن مكة واختلاف اللغة واختلاف التقاليد فقط، وإن كانت هذه عوامل هامة، ولكن الاختلاف الرئيسي -في نظري- هو أن الاعتماد في الحبشة كان على رجل واحد هو النجاشي -ملك لا يظلم عنده أحد- فإذا مات هذا الرجل أو خلع، فإن المسلمين سيصبحون في خطر عظيم.. وقد كاد أن يحدث ذلك، ودارت حرب أهلية كاد النجاشي فيها أن يفقد ملكه، فما كان من النجاشي إلا أن يسر سبيل الهروب للمسلمين المهاجرين عنده.. فهو لا يملك لهم إلا هذا.. هذا كان الوضع في الحبشة.. أما في المدينة المنورة فالهجرة لم تكن تعتمد على رجل معين.. بل تعتمد على شعب المدينة.. والجو العام في المدينة أصبح محبًّا للإسلام.. أو على الأقل أصبح قابلاً للفكرة الإسلامية، ومن ثَم كانت الهجرة إلى هناك هجرة جماعية كاملة..
(4) الهجرة لم تكن عشوائية، بل كانت بأمر القيادة إلى مكان معين.. وهذا الذي أدى إلى نجاح الهجرة، وقيام الأمة.. أما أن يهاجر فلان إلى مكان كذا، ويهاجر آخر إلى مكان كذا.. ويتفرق المسلمون.. فهذا وإن كان يكتب نجاة مؤقتة للأفراد، إلا أنه لا يقيم أمة.. وعلى المسلمين الفارين بدينهم من ظلم ما أن يفقهوا هذا الأمر جيدًا..
الهجرة النبوية إلى المدينة كانت هجرة منظمة مرتبة.. أُعد لها بصبر وبحكمة وبسياسة وفقه.. فالعشوائية ليست من أساليب التغيير في الإسلام.
(5) بهذه الهجرة الناجحة تمت مرحلة هامة -بل هامة جدًّا- من مراحل السيرة النبوية.. وهي المرحلة المكية..
لقد تمت هذه المرحلة بكل أحداثها وآلامها ومشاكلها..
وهي مرحلة ذات طابع خاص جدًّا..
بدأ الإسلام فيها غريباً.. واستمر غريباً إلى قرب نهايتها.. إلى أن آمن الأنصار.. رضي الله عنهم ورضي الله عن المهاجرين.. وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين..
كان الاهتمام الرئيسي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة أن يبني الجانب العقائدي عند الصحابة.. فلا يؤمنون بإله غير الله.. ولا يتوجهون بعبادة لأحد سواه.. ولا يطيعون أحداً يخالف أمره.. وهم يتوكلون عليه.. وينيبون إليه.. ويخافون عذابه.. ويرجون رحمته..
إيمان عميق برب العالمين.. وإيمان برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وبإخوانه من الأنبياء و المرسلين..
واعتقاد جازم بأن هناك يوماً سيبعث فيه الخلائق أجمعون.. سيقوم فيه الناس لرب العالمين يحاسبون على ما يعملون.. لن يُظلم في ذلك اليوم أحد.. لن تُغفل الذرة والقطمير.. إنها والله إما الجنة أبداً أو النار أبداً..
وإلى جانب العقيدة الراسخة فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الأخلاق الحميدة، والخصال الرفيعة.. هذبت نفوسهم.. وسمت بأرواحهم.. وارتفعوا عن قيم الأرض وأخلاق الأرض وطبائع الأرض.. إلى قيم السماء وأخلاق السماء وطبائع السماء.. لقد نزل الميزان الحق الذي يستطيع الناس به أن يقيموا أعمالهم بصورة صحيحة..
وعرف المؤمنون في هذه المرحلة أن الطريق الطبيعي للجنة طريق شاق صعب.. مليء بالابتلاءات والاختبارات.. ما تنتهي من امتحان إلا وهناك امتحان آخر.. تعب كلها الحياة.. والله يراقب العباد في صبرهم ومصابرتهم وجهادهم.. ولن يُستثنى أحد من الاختبار.. ويُبتلى المرء على حسب دينه.
لقد كانت الفترة المكية يا إخواني بمثابة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل.
ومن المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبَدْر وكالأحزاب وكخَيْبر وكتَبوك، دون المرور على فترة مكة..
ومن المستحيل أن تبنى أمة صالحة.. أو تنشأ دولةً قوية.. أو تخوض جهاداً ناجحاً.. أو تثبت في قتال ضار.. إلا بعد أن تعيش في فترة مكة بكل أبعادها..
وعلى الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق.. وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث ـ وإن قصر وقته أو صغر حجمه، وقوفاً طويلاً طويلاً..
فهنا البداية التي لا بد منها..
وبغير مكة لن تكون هناك المدينة..
وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار..
وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين..
(6) الهجرة – وإن كانت حدثاً تاريخياً مر منذ مئات السنين، ولا يستطيع أحد بعد جيل المهاجرين أن يحققه، وذلك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ" – إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم فتح باب العمل للمسلمين الذين يأتون بعد ذلك، فقال في نفس الحديث: "وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا"، فالجهاد والبذل والحركة والعمل في سبيل الله لن يتوقف أبداً في الدنيا، والسعيد حقاً هو من انشغل بعمله عن قوله، وبنفسه عن غيره، وبآخرته عن دنياه.
(7) أول مراحل الهجرة هي ترك المعاصي، والبُعْد عن مواطن الشبهات، ولن ينصر الدين رجل غرق في شهواته، والمعروف أن ترك المعاصي مقدم على فعل فضائل الأعمال، والإنسان قد يُعذر في ترك قيام أو صيام نفل أو صدقة تطوع، لكنه لا يُعذر في فعل معصية، وذلك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"؛ ولذلك عرف الرسول صلى الله عليه وسلم المهاجر الحقيقي بتعريف عميق من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فقال فيما رواه أحمد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: "إِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ".


وصلى الله وسلم على سيدنا محمد...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النجاشي "الملك العادل"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۩۞۩ مــنــتــديــات الـمــدومــــي ۩۞۩  :: ۩۞۩ المــنــتـــديـــات الــدينيــــــه ۩۞۩ :: »؛°.. منتدى قصـص الأنبيـاء والسيرة النبوية ..°؛« :: »؛°..قسم سيرة الصحابه رضوان الله عليهم..°؛«-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» تطوير الذات وبناء الشخصية
النجاشي "الملك العادل" Emptyالثلاثاء أبريل 26, 2016 2:56 am من طرف أبو أنس

» اقوال ابرهيم الفقي عن التفاؤل
النجاشي "الملك العادل" Emptyالثلاثاء أبريل 26, 2016 2:52 am من طرف أبو أنس

» خواطر رمضانية
النجاشي "الملك العادل" Emptyالخميس يوليو 09, 2015 9:49 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» الشهد الدكتوار عبد المدومي
النجاشي "الملك العادل" Emptyالخميس يوليو 09, 2015 8:50 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» اليوم تنتهي عشر الرحمه
النجاشي "الملك العادل" Emptyالسبت يونيو 27, 2015 9:54 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» • مكتب أيجار وخدمات سيارات فى مصر * العلا ليموزين * احدث سيارات باقل الاسعار 01227776049
النجاشي "الملك العادل" Emptyالثلاثاء يناير 13, 2015 1:55 pm من طرف تهانى العلا

» الكسور:fractures
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:37 pm من طرف انا اسماء

» اليك 20 نصيحه للتخلص من الأرق
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:26 pm من طرف انا اسماء

» عمى الألوان...
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:24 pm من طرف انا اسماء

» علاج لكل داء
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:23 pm من طرف انا اسماء

» فوائد العنب ..
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:06 pm من طرف انا اسماء

» فوائد التوت .
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 7:05 pm من طرف انا اسماء

» الكبد وقيمته الغذائية :
النجاشي "الملك العادل" Emptyالأحد نوفمبر 30, 2014 6:56 pm من طرف انا اسماء

»  ‫ د. ابراهيم الفقى حلقه قوة الاحلام‬ ( حلقة رائعة )
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 11:01 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» لسلسلة الثانية من سلسلة شرح أسماء الله الحسنى
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:59 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» حــــــــــــــــــــــــــــلة مــــــــــــــع القــــــــــــــــــــرآن
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:57 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» سورة الْرَّعْدُ رحــــــــــــــــــــــــــــلة مــــــــــــــع القــــــــــــــــــــرآن *
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:54 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

»  سورة يُونُس رحــــــــــــــــــــــــــــلة مــــــــــــــع القــــــــــــــــــــرآن *
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:51 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» سورة إِبْرَاهِيم رحــــــــــــــــــــــــــــلة مــــــــــــــع القــــــــــــــــــــرآن
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:48 pm من طرف عبدالله يحي المدومي

» سورة الْنَّحْل رحــــــــــــــــــــــــــــلة مــــــــــــــع القــــــــــــــــــــرآن
النجاشي "الملك العادل" Emptyالإثنين يونيو 30, 2014 10:43 pm من طرف عبدالله يحي المدومي